مقالة فلسفية هل التهجم على الفلسفة هو
في الحقيقة تفلسف ؟
يرى باسكال أن كل تهجم على الفلسفة هو في الحقيقة
تفلسف .
الإجابة النموذجية : الطريقة جدلية
طرح المشكلة : لم يكن خلاف الفلاسفة قائما حول ضرورة
الفلسفة ما دامت مرتبطة بتفكير الإنسان ، وإنما كان قائما حول قيمتها والفائدة منها
. فإذا كان هذا النمط من التفكير لا يمد الإنسان بمعارف يقينية و لا يساهم في تطوره
على غرار العلم فما الفائدة منه ؟ وما جدواه؟ وهل يمكن الاستغناء عنه ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : الفلسفة بحث عقيم لا جدوى منه ، فهي لا
تفيد الإنسان في شيء فلا معارف تقدمها و لا حقائق .
الحجج : لأنها مجرد تساؤلات لا تنتهي كثيرا ما تكون
متناقضة وتعمل على التشكيل في بعض المعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات الفكرية
كما هو الشأن في علم الكلام .
النقد : لكن هذا الموقف فيه جهل لحقيقة الفلسفة
. فهي ليست علما بل وترفض أن تكون علما حتى تقدم معارف يقينية. وإنما هي تساؤل مستمر
في الطبيعة وما وراءها و في الإنسان وأبعاده ، وقيمتها لا تكمن فيما تقدمه و إنما في
النشاط الفكري الدؤوب الذي تتميز به ، أو ما يسمى بفعل التفلسف .
نقيض الأطروحة : الفلسفة ضرورية ورفضها يعتبر في
حد ذاته فلسفة
الحجج : لأن التفلسف مرتبط بتفكير الإنسان والاستغناء
عنه يعني الاستغناء عن التفكير وهذا غير ممكن .ثم إن الذين يشككون في قيمتها مطالبون
بتقديم الأدلة على ذلك ، والرأي و الدليل هو التفلسف بعينه . ثم إن الذين يطعنون فيها
يجهلون حقيقتها ، فالفلسفة كتفكير كثيرا ما ساهم في تغيير أوضاع الإنسان من خلال البحث
عن الأفضل دائما ، فقد تغير وضع المجتمع الفرنسي مثلا بفضل أفكار جون جاك روسو عن الديمقراطية
. وقامت الثورة البلشفية في روسيا على خلفية أفكار فلسفية لكارل ماركس عن الاشتراكية
، وبنت الولايات المتحدة الأمريكية سياستها كلها عن أفكار فلسفية لجون ديوي عن البراغماتية
.
النقد : لكن الأبحاث الفلسفية مهما كانت فإنها تبقى
نظرية بعيدة عن الواقع الملموس ولا يمكن ترجمتها إلى وسائل مادية مثل ما يعمله العلم
.
التركيب : إن قيمة الفلسفة ليست في نتائجها والتي
هي متجددة باستمرار لأن غايتها في الحقيقة مطلقة . وإنما تكمن في الأسئلة التي تطرحها
، و في ممارسة فعل التفلسف الذي يحرك النشاط الفكري عند الإنسان. وحتى الذين يشككون
في قيمتها مضطرين لاستعمالها من حيث لا يشعرون ، فهو يرفض شيئا وفي نفس الوقت يستعمله
.
حل المشكلة : نعم إن كل رفض للفلسفة هو في حد ذاته
تفلسف.